يواجه أطفال قطاع غزة أزمة صحية خانقة في ظل تفشي سوء التغذية بشكل غير مسبوق، وهو ما يهدد حياتهم ويُفاقم الأوضاع الصحية المتدهورة،
وفي الوقت الذي تستمر فيه الحرب والحصار، ويُمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية إلى القطاع، حذّر الخبراء الطبيون من تداعيات كارثية لهذه الأزمة التي قد تؤثر على الجيل القادم من الأطفال.
سوء التغذية تهديد مباشر للصحة العقلية
ارتفعت التحذيرات الصحية من الأضرار الخطيرة لسوء التغذية على الأطفال في غزة، خاصة في السنوات الأولى من حياتهم. وقال أبو ندى: “سوء التغذية يؤثر بشكل مدمّر على نمو الدماغ والجهاز العصبي للأطفال، وهو ما قد يؤدي إلى تأخر في اكتساب المهارات الحركية والعقلية، مثل الزحف، الجلوس، المشي والنطق.”
وذكرت مصادر طبية إلى أن نقص البروتينات، الدهون الصحية، الفيتامينات مثل B12، وأحماض الأوميغا 3، إضافة إلى عناصر أساسية أخرى مثل اليود والحديد، يؤدي إلى ضعف النمو العقلي والحركي. كما أن هذا النقص قد يتسبب في اضطرابات سلوكية مثل العصبية المفرطة، ضعف التركيز والتعلم، واضطرابات في التفاعل الاجتماعي، مما قد يفضي إلى إعاقات دائمة في حال عدم العلاج المبكر.
معدلات سوء التغذية ترتفع بشكل مقلق
الأرقام تشير إلى تفاقم الوضع بشكل غير مسبوق. وفقًا للتقارير الطبية، يعاني 15% من الأطفال دون سن الثانية في شمال غزة من سوء تغذية حاد، وهو رقم يُعدّ الأعلى على الإطلاق محليًا ودوليًا في فترة زمنية قصيرة. وقال أبو ندى: “نلاحظ علامات هزال شديدة على الأطفال دون سن الثلاث سنوات، مثل الوجوه الشاحبة والأجساد الضعيفة، إضافة إلى انخفاض حاد في الوزن.”
وقد أظهرت التقارير أيضًا أن 70% من الأطفال دون سن الخامسة قد أصيبوا بالإسهال في الأسابيع الأخيرة، مما يزيد من مخاطر الجفاف وسوء الامتصاص الغذائي، ويجعلهم عرضة لأمراض معدية مثل الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا.
أزمة صحية مروعة
أدى الحصار المستمر وغياب المساعدات الطبية إلى تفاقم الأزمة الصحية في غزة. إغلاق المستشفيات والمراكز الصحية بسبب القصف والنزوح، فضلاً عن نقص الإمدادات الطبية الضرورية، جعل من الصعب تقديم الرعاية الصحية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. كما أكد أبو ندى أن قطاع غزة يعاني من نقص حاد في المكملات الغذائية الأساسية مثل الفيتامينات والمعادن للأطفال والحوامل، وهو ما يُفاقم من الأزمة الصحية في القطاع.
وأضاف أن الوضع الدوائي في غزة كارثي، حيث يُعاني الأطفال من نقص حاد في الأدوية الحيوية مثل أدوية الصرع، اضطراب فرط الحركة، وأدوية الكورتيزون والمورفين اللازمة للتخفيف من الألم. النقص في هذه الأدوية يعقد معالجة الحالات الطارئة ويزيد من خطر الوفاة بين الأطفال.
الصدمات النفسية وأثرها على الدماغ والجهاز العصبي
وإلى جانب سوء التغذية، يُعاني الأطفال في غزة من الصدمات النفسية الناتجة عن الحرب المستمرة، القصف، والنزوح. وهو ما تسبب بوجود صدمات نفسية تضر بالقشرة الأمامية للدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن التركيز والانتباه والتنظيم الذاتي. الخوف المستمر الذي يؤدي إلى إفراز هرمون الكورتيزول بشكل مفرط، ما يؤثر سلبًا على المناعة والتمثيل الغذائي، بحسب ما أوضح طبيب مختص واستشاري في أمراض الأطفال في غزة.
وأوضح استشاري الأطافل أن هذه الضغوط النفسية قد تتسبب في مشاكل صحية جسدية طويلة الأمد مثل اضطرابات القلب، السكري، وأمراض المناعة، مما يضيف عبئًا إضافيًا على الأوضاع الصحية المتدهورة للأطفال في غزة.
التحرك لإنقاذ الأطفال
ودعا استشاري الأطفال المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف الحرب فورًا، وفتح معبر رفح للسماح بدخول المساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة. كما شدد على ضرورة إعادة افتتاح المستشفيات والمراكز الصحية، وتوفير المكملات الغذائية والأدوية الضرورية لدعم صحة الأطفال في غزة.
وقال: “الوضع في غزة لا يُحتمل، وإذا لم يتم التحرك سريعًا، فإننا سنشهد ارتفاعًا مأساويًا في عدد وفيات الأطفال نتيجة الجوع والأمراض. إن الجيل الحالي من الأطفال مهدد بتداعيات صحية ونفسية خطيرة قد تؤثر عليه طوال حياته.”
أرقام صادمة:
15% من الأطفال دون سن الثانية في شمال غزة يعانون من سوء تغذية حاد.
70% من الأطفال دون سن الخامسة أصيبوا بالإسهال خلال الأسابيع الأخيرة.
نقص حاد في الأدوية مثل أدوية الصرع، اضطراب فرط الحركة، الكورتيزون، والمورفين.
ارتفاع معدلات الهزال بين الأطفال دون سن الثلاث سنوات.