ي مشهد يلخص المأساة بأقسى صورها، تحوّلت “نقاط توزيع المساعدات الإنسانية” في قطاع غزة إلى ساحات قتل مفتوحة. في وضح النهار، وبين جموع من المدنيين الجائعين واليائسين، سقط 52 شهيدًا وأُصيب أكثر من 340 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.
لم يكونوا مقاتلين، ولا حاملي سلاح، بل مواطنين عاديين، دُفعوا إلى الطوابير بفعل الجوع والحصار الخانق.
رصاص على الطحين
في جنوب قطاع غزة، حيث تتضاعف المأساة يومًا بعد يوم، تجمع الآلاف من المواطنين عند إحدى نقاط توزيع المساعدات التي أعلنت عنها مؤسسة أمريكية.
كانت العائلات تنتظر منذ ساعات الفجر، على أمل الحصول على كيس طحين أو وجبة جاهزة تسد الرمق. لكن جنود الاحتلال المتمركزين في محيط النقطة، أطلقوا النار بشكل مفاجئ ومباشر، دون سابق إنذار، لتتحول اللحظة من انتظار حياة إلى مجزرة مفتوحة.
شهود عيان تحدثوا عن مشهد مروّع: جثث على الأرض، صراخ واستغاثات، ودماء تختلط بالطحين.
يقول أحد الناجين: “كنا نقف بانتظام، لا يوجد أي مظاهر عنف، فجأة بدأت الرصاصات تنهال علينا. سقط من كان أمامي، وهرب من استطاع… تركنا الجرحى خلفنا لأن من يحاول مساعدتهم يُطلق عليه الرصاص أيضًا.”
من نقطة إغاثة إلى مصيدة موت
بحسب مصادر ميدانية، لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها. منذ أيام، تتكرر الاعتداءات على نقاط المساعدات التي يُفترض أن تكون تحت حماية وضمانات دولية.
وبحسب منظمات حقوقية، فإن هذه الحوادث ليست أخطاء عشوائية، بل “نهج متعمّد” يستهدف استخدام سلاح الجوع والإذلال النفسي كسلاح حرب.
جريمة حرب واضحة
منظمات حقوق الإنسان الدولية وصفت المجزرة بأنها “جريمة حرب موثقة”، مطالبةً بإجراء تحقيق دولي مستقل، وضمان حماية المدنيين في مناطق النزاع، خصوصًا في نقاط توزيع المساعدات والمرافق المدنية.
وقال بيان لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”: “فتح النار على مدنيين في طابور مساعدات يُظهر ازدراءً صريحًا لقوانين الحرب، ويجب أن يُحاسب المسؤولون عن ذلك.”
أرقام تتحدث… ولكن الصمت أعلى
• 52 شهيدًا خلال أيام فقط في نقطة توزيع واحدة.
• 340 مصابًا، بينهم أطفال في حالة حرجة.
• أكثر من 70% من سكان غزة مهددون بالمجاعة، وفق تقارير أممية.
• 90% من المرافق الصحية خارجة عن الخدمة.
• أكثر من 35 ألف شهيد منذ بدء الحرب، غالبيتهم من المدنيين.
غزة تصرخ… ولا مجيب
المجزرة الأخيرة ليست حدثًا عابرًا، بل حلقة جديدة في سلسلة من القتل البطيء الممنهج. سقط الشهداء في طوابير الجوع، لا في ساحات المعركة، وتحوّلت المساعدات الإنسانية من فرصة للبقاء إلى فخاخ للقتل الجماعي.